![]() |
حسام عيتاني |
2005/05/25 | معتقلو منتدى الأتاسي |
2005/05/24 |
من أضاع التحرير؟ |
2005/05/20 | |
2005/05/17 |
اليسار يستيقظ مذهولا |
2005/05/13 | أخطاء في الترجمة |
2005/05/10 | هل نتحمل الحقيقة؟ |
2005/05/06 |
مكافحة تمرد |
2005/04/22 | عدوى الإمساك بالحقيقة |
2005/04/19 |
الشهيد الأخير |
2005/04/15 | على مقاعد الدراسة |
2005/04/13 | الحرب... كرنفالنا الوطني |
2005/04/12 | بعضنا أذنب أكثر من الآخر |
2005/04/05 | الأحياء والأموات |
2005/04/01 | كيف فضحنا الكعك |
نخشى
القول ان بين معتقلي <<منتدى الأتاسي>> في سوريا امس، اصدقاء واساتذة،
فتزداد معاناتهم مرارة. ونخشى الاعراب عن غيظنا من توقيف رجال وسيدتين كان
همهم ارساء حوار ديموقراطي في بلادهم فيُتَّهمون بما لم يدر لحظة في بالهم.
ونخشى ان تتحول الدعوات الى الافراج غير المشروط عنهم وعمن سبقهم الى
زنزانات الامن، الى قرائن واثباتات على تعاملهم مع الخارج وتواطئهم ضد
النظام.
أي الكلمات هي الادق والاسلم للتعبير عن الضيق والحزن ازاء ما يجري في سوريا منذ اسبوعين؟ وهل يستقيم البحث عن كلمات لا تخدش السلطة مع تجاهل هذه لما يخدش ضمير العالم؟ وكيف يمكن لمواطن عربي ان يعلن رفضه لاعتقال مجموعة مسالمة ناهيك بالصفات السامية لكل منهم لأنهم عبروا عن رأي مخالف لما تود أي سلطة ان تسمع؟ في مقالته التي كتبها الاستاذ حسين العودات في <<السفير>> في 20 ايار الحالي، ابدى اسفه لخيبة الامل التي شعر بها السوريون بعد تجدد الاعتقالات ولسوء قراءة من في السلطة للواقع في الداخل والخارج. ولا ريب في ان اسف <<ابو خلدون>> سيتضاعف عند قراءته ما اوردته وكالات الانباء نقلا عن <<مصدر اعلامي سوري>> قال ان <<مساحة الحوار في سوريا مفتوحة امام جميع الافكار الوطنية المخلصة بعيدا عن التطرف وتحت سقف القانون>> متهما اعضاء اللجنة الادارية في المنتدى بترويج افكار الاخوان المسلمين. <<ترويج الافكار>> بحد ذاته ومهما كانت الافكار طالما هي كذلك يجب الا يكون تهمة في أي مكان من العالم. كما لا نتصور ان اشخاصا مثل المعتقلين هم من هواة <<ترويج افكار>> أي جهة كانت، خصوصا الاستاذ حسين العودات الذي نعرف اصراره على الحوار الراقي من الموقع العربي البحت والمدافع عن سوريا وعن لبنان. اخيرا، لا ندري سببا لهذا الاصرار على خلق الاحزان المتجددة في بلاد الشام، بلادنا، ولا ندري اذا كانت ضغوط الخارج تُجبَه على هذا النحو. |
|
بعد خمسة أعوام على التحرير، ما زالت التضحيات التي بذلت في سبيل
تحقيق هذا الإنجاز موضع احترام. |
|
انضم
الشباب الى قوافل شهداء سقطوا بأيدي السياسيين التقليديين. وهؤلاء طائفيون
وفاسدون لا يقيمون للمبادئ او للأخلاق وزنا ولا قيمة. لقد خدع السياسيون
بكلماتهم المعسولة ووعودهم البراقة زهرة الشباب اللبناني وجلبوهم الى
الساحات للتظاهر وحمّلوهم عبء <<انتفاضة الاستقلال>>، قبل ان يعود
السياسيون المحترفون الى مناوراتهم ومراوغاتهم طمعا في المكاسب والمغانم
متجاهلين الآمال والاحلام التي عمل من اجلها الشباب وناضلوا.
تلائم هذه الرواية المنتشرة في <<مجالس العزاء>> الاعلامية اجواء الروايات الاكثر مبيعا (<<البست سيللر>>) التي تخصص في كتابتها مؤلفون يعرفون كيفية جني الارباح قبل خصائص الابداع الادبي. تبدأ الرواية مع حادث جلل: انفجار يودي بحياة زعيم سياسي. تصاب البلاد بصدمة وعلى الاثر تقع الغشاوة عن اعين الجميع من مواطنين فرقتهم انتماءاتهم الطائفية وسياسيين اخطأوا الرهان. وينزل الجميع الى ساحة الوطن ليرفعوا رايات الحرية ويطردوا المحتل. فيتعانق الهلال والصليب ويغمر الجموع نور المحبة في ظل الأرزة الخالدة. ويتحقق لهم ما ارادوا ويرحل جندي الاحتلال الذي عمل على تقسيم صفوفهم وبث العداوات بينهم. تتدخل هنا الضرورة الدرامية لتضيف نوعا من التصعيد على الحبكة، والوسيلة الافضل، كما في جميع الروايات من هذا الصنف: الخيانة. فلا يلبث ان تتكشف وجوه البعض ويعود سيرته الاولى من غدر وتنكر للعهود والأيمان التي قطعها. وتعم الخيبة في اوساط الشباب الى أن يقرر المخلصون الحقيقيون رفض محاولات من خان العهد، وإقناع الشباب بعدم التخلي عن اماني الشعب الطيب التي يحملونها امانة في اعناقهم. وبفضل صمود هؤلاء ونزاهتهم التي لا تشوبها شائبة، يعود بريق الامل الى النفوس ويكون الجميع قد عرف ان الغدر طبع متأصل في نفوس بعض السياسيين، ويكون الشباب قد تعلموا درسا يفيدهم في المستقبل (الحكمة والنهاية المتفائلة في خاتمة الرواية ضروريتان في <<البست سيللر>> بناء على طلب دور النشر الادرى بما يحكم التسويق من اعتبارات). يمكن لمتمرن في النقد الادبي ان يلحظ ان دور الشباب في هذه الرواية هامشي بحيث لم يقوموا بأي خطوة بمبادرة منهم وانهم لم يطرحوا أي فكرة خلاقة في سياق الاحداث وانهم اكتفوا بأداء ادوار الكومبارس الذين كانوا يفرحون او يأسفون او يحزنون عند منعطفات الرواية. وان أي شخصية من فئة الشباب لم تبرز على المسرح بصفتها الذاتية، بمعنى انها اعلنت عن حضورها من دون ان تكون مرتبطة بمن يكبرها سنا ومقاما ونفوذا طائفيا او حزبيا. لقد كان الشباب <<مجاميع>> مهمتها ملء الساحات والخيم في <<مخيم الحرية>> والمسيرات. والحال ان من يسعى الى إلباس الشباب اللبناني ثوبا رسوليا وتقديمهم بصفتهم حاملي مشروع وطني منفصل عما تحمله الطوائف وممثلوها السياسيون، يخطئ مرات ومرات. مرة اولى في تحميل الشباب مسؤوليات ما لم يقوموا به وما لم يكونوا مؤهلين له اصلا؛ ومرة في زرع الاوهام في نفوس لبنانيين تنقصهم الخبرة عن امكانية تغيير الصيغ السياسية المهمينة على البلاد بمجرد التجمهر ورفع الاعلام عوضا عن العمل على اقناعهم باولوية العمل المنظم لتنفيذ مشروع سياسي محدد ودقيق؛ ومرة في إلحاق الأذى بإمكانية انخراط الشباب في مشاريع واقعية يكونون هم من يرسم اطرها وآليات عملها. مناسبة هذا الكلام هي تحول مديح الشباب ودورهم الى اسطورة جديدة تطالب بمكان لها الى جانب الاساطير اللبنانية الاخرى (كبطولة بشير الجميل مثلا)، هذا الى جانب تحويلهم الى ضحايا تم <<الضحك عليها>>، اضافة الى انتشار مفسري رغبات الشباب في التغيير والناطقين باسم الجيل الطالع في صفوف بعض من ابعد السياسيين رغبة في التغيير والاصلاح. وفي ذكرى ثورة الطلاب في ايار 1968، يمكن القول ان من حمل مشروعا ذا مضامين سياسية واجتماعية وحتى اخلاقية، وفشل في باريس، قد يكون على حق اذا احتج على وصف ما جرى في لبنان بأنه ثورة للشباب. |
|
مع إعلان
لوائح الجنوب الفائزة حكما، اسقط في يد اليساريين الذين يعيشون مرة كل
اربعة اعوام هول مفاجأة استبعادهم من بين المرشحين المحظوظين. والمفاجأة
المتكررة تستحضر مواقف من صنفها حتى ليبدو المشهد برمته متوقعا كتوقع الصدى
يُرجعه الوادي.
ولا ينتبه بعض من في قيادات اليسار الى الطبيعة الاقطاعية لامراء اللوائح والطوائف الا بعد ان يعلن هؤلاء اسماء من اختاروهم خاذلين اليسار وأهله برغم الزيارات المتكررة الى قصور الاقطاع السياسي والتقليدي والانتخابي وجميع سائقي المحادل ومعاوني البوسطات. وقد يبدو غريبا الا يكتشف المرشحون المزمنون عن احزاب اليسار وقواه (التي يصر اصحابها على وصفها <<بالقوى الحية>> إصرارا يلقي الضوء على جانب من مشكلات اليسار، ويتطلب التدقيق في تعريفيّ الحياة والموت)، ان حسابات سائق المحدلة ومعاون البوسطة تختلف تماما عن حسابات المرشح اليساري الذي يحاول عبثا منذ تعيين النواب الخمسين في العام 1991، الدخول الى الندوة البرلمانية تسللا وفي روعه أنه قادر على استغفال الطوائف وحُماتها او إقناعهم بفوائده الوطنية العميمة. المشكلة الاكبر التي تواجه المرشح اليساري لا تكمن في غدر الحلفاء المفترضين ولا في تنكر اهل الخندق الواحد لتضحياته ودوره التاريخي. بل في ان هؤلاء الحلفاء يعرفونه اكثر مما يعرف نفسه. يعرفون وقوفه في ظلهم عاريا من برنامج وخطاب وثقل جماهيري ويعرفون في الوقت ذاته انعدام فائدته في مجال العلاقات الطائفية وفي المجالات الاقليمية والدولية بعد اختفاء الراعي العالمي السابق. ويعرفون ايضا انه لا يملك الا لسانا يطيله على اصحاب <<المقامات الرفيعة>> الذين يطلب منهم اضافة اسمه الى لوائحهم قبل الانتخابات وتختفي منه الحلاوة بعدها. فهو حريص على مبادئه المتعارضة مع آليات الاصطفاء الانتخابي لكنه راغب بشدة في الحصول على مقعد في ساحة النجمة. فما العمل؟ واحد من مقدمات الإجابة عن هذا السؤال هو ان يقتنع اليساريون ولمرة واحدة وأخيرة بأنهم لن ينجحوا في الوصول بطريقة <<الأوف سايد>> (التسلل) الى مجلس النواب. وأن عداءهم المبدئي (اللفظي) لامراء الطوائف تقابله جماهير هؤلاء، كما قادتها، بعداء مساو. وأن الدور التاريخي يصلح لتأليف كتب تبرزه وليس كعنصر جذب انتخابي. اما عناصر الجذب، وهي من البداهة بحيث لا تحتاج الى توصيف، فتكمن في القيام بخيارات كبرى على مستوى الاسئلة المطروحة على ساحة الوطن. وبدلا من التغني، على سبيل المثال، بدور اليسار في المقاومة وإطلاقها، عليه ان يجيب عن السؤال المتعلق بمستقبلها من دون مراوغة. وعوضا عن نبش قبور النقابات التي اسسها للدفاع عن مصالح المزارعين، فليتقدم بجردة حساب عن دوره في دفنها وعن تصوره لاحياء العمل النقابي على مستوى لبنان. وإذا كان امراء الطوائف قد خانوا تاريخ النضال المشترك، فما هي الاهداف التي سيناضل اليسار من اجلها في المستقبل ومن هم حلفاؤه من اجل تحقيقها؟ لم تتغير تصورات قيادات اليسار منذ العام 1991 للطريقة التي يمكن ان يصلوا بها الى احتلال مقاعد نيابية: زيارة الى هذا الزعيم ومحاولة إقناع ذاك وتذكير آخر بالعلاقة الوثيقة مع الوالد... وهذه اساليب أقل ما يقال فيها إنها مستقاة من إرث يفترض بمن يزعم انتماءً الى اليسار، شن صراع ضارٍ ضده. صفوة القول هي ان من يستقيل من محاولة تغيير الواقع، لا يحق له تسلق سُلَّم غيره للوصول الى الابراج العاجية. |
|
بيان المطارنة الموارنة والكلمة التي ألقاها البطريرك نصر الله صفير
امام الجموع في بكركي امس، جديران باحتلال مكان متقدم في ادبيات السياسة
اللبنانية. فلأول مرة، تخرج الكلمات حاملة المضمون الحقيقي لتوريات اعتادها
السياسيون و<<المرجعيات>> والمواطنون. |
|
في مسرحية <<شي فاشل>> لزياد الرحباني، يطلب ممثل رأي المخرج نور في
أدائه <<بصراحة>>. وبعد إلحاح الممثل، يبلغه نور بأنه لو قال رأيه <<بصراحة>>
لكره الممثل كل ما يشبه الصراحة. لقد صُدِمَ المخرج بسماجة الممثل الذي كان
اتفق معه على أداء دور كوميدي، فبات المخرج امام ممثل ثقيل الظل خرب ما كان
يفترض ان يكون فسحة <<لتطرية>> جو المسرحية الوطنية وتجهم الاهالي بعدما سرق
الغريب جرّتهم. |
|
تصاعد التفجيرات في العراق يرتبط على الارجح بمحاولة لمنع الحكومة
الجديدة من تثبيت وجهة جديدة في ادارة البلاد لا تأخذ في الاعتبار قوى تعتبر
نفسها مهمشة. يصلح هذا التفسير لظواهر الامور او مناحيها الكبرى لكنه قد يقصر
عن ايضاح الاسباب العملانية للتصعيد الاخير. |
|
إذا صحت
التوقعات بشأن التوجهات الكبرى التي سيسير على هداها البابا بندكت السادس
عشر، فان العالم الثالث سيخرج من اولويات جدول اعماله الذي سيحفل في
المقابل ببنود المواجهة ضد <<الكفر الجديد>> الذي يغزو اوروبا ويبعدها عن
جذورها الكنسية.
لكن هبوط العالم الثالث في قائمة الاولويات الى مراتب دنيا، لا يعني ان الكنيسة ستتراجع عن النهج الذي وضعه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني والرافض لأي نوع من انواع التغيير في التعاليم الاجتماعية للكنيسة من منع لكل انواع تنظيم الاسرة وخصوصا الواقي الذكري ما ادى الى وفاة مئات الالاف من <<المؤمنين>> (وهو ما يحمل منتقدو الكنيسة البابا الراحل مسؤوليته المباشرة واضعين علامة استفهام كبيرة حول <<اخلاقية>> تعاليم تهتم بتماسكها الايديولوجي على حساب ارواح بشر هم من الاكثر تحملا لتبعات البؤس والفقر والمرض). ويصعب على من استمع الى الكلمات الاولى لبندكت بعد اعتلائه السدة البابوية ان يتجاهل، حتى لو كان الموقع البابوي يحتم عليه سلوك طريق اكثر انفتاحا، ان الرجل ذاته وجه في مناسبة عيد الفصح، وقبل اقل من شهر واحد من اختياره خليفة لبطرس الرسول، رسالة بالغة القسوة والشدة يدين فيها محاولات <<الايديولوجيات الكبرى>> بناء <<كفر جديد>> من خلال السعي الى وضع الرب جانبا، ما ادى في النهاية الى إلغاء الانسان. ويصعب تصور معنى واضح لاهتمامه بتعميق الحوار مع الاديان الاخرى وهو الرافض لضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي والداعي الى تشكيلها <<قارة ثقافية>> مع العالم العربي. هذا اضافة الى ايمانه العميق بالرقي الفكري للمسيحية الكاثوليكية ليس فقط على الاديان الاخرى بل ايضا على الكنائس المسيحية غير الكاثوليكية. اما بالنسبة الى الوحدة المسيحية فقد يكون تحقيق أي تقدم هنا اصعب والكاردينال راتزنغر (البابا بندكت السادس عشر) هو القائل بأن الكنيسة الكاثوليكية هي الوحيدة القادرة على مقاربة الحقيقة الكونية ومنددا في احدى رسائله باستخدام تعبير <<الكنائس الشقيقة>> حيث لا اشقاء لكنيسة روما بل ابناء على درجات مختلفة من الهدى او الضلال. ستجعل الخلفية المتشددة للبابا الجديد، وهو الاتي من مجمع عقيدة الايمان، أي من <<المؤسسة>> التي كانت تحمل اسم <<محاكم التفتيش>> الرهيبة وهو بالمناسبة من معارضي تقديم أي اعتذار من الكنيسة الى البشر، فالكنيسة المعصومة تستغفر الله وحده، مهما اخطأت ، من العسير على دعاة منح البابا فرصة جديدة، ان يأملوا في نجاح يذكر، وسط توقعات متزايدة في انه لن يتخلى عن معاركه الايديولوجية. ووفق احد مراقبي الشأن الفاتيكاني (رئيس تحرير مجلة <<غوليا>> الكاثوليكية، كريتيان تيرا) فان البابا الجديد متشائم تماما بشأن مستقبل الانسان وسيستدعي الى نجدته في معركته المقبلة ضد الحداثة، مثقفين كالفيلسوف الالماني يورغن هابرماس والمفكر الاميركي فرانسيس فوكوياما، اللذين سيقدمان مع غيرهما كل المبررات الضرورية للحيلولة دون ادخال أي تغيير على الخط المجتمعي للكنيسة. ربما دفعت مواقف الكردينال الالماني المتشدد، امام مسجد باريس دليل بوبكر الى اعلان تمنيه في ان <<ينسى البابا الجديد النزعة المحافظة للكاردينال راتزنغر>>، مع العلم ان العالم العربي قد لا يكون معنيا كثيرا بالمواجهات الايديولوجية التي اهتم بها بندكت السادس عشر قبل تنصيبه، الا من ناحية قد لا تبدو واحدة تقوم على ان أي زيادة في جرعات المحافظة والتشدد في أي من المراكز السياسية والروحية الكبرى، تنتقل بما يشبه العدوى الى المراكز الاخرى. فيبرز هنا مجال للتساؤل عما سيكون عليه الحال في عالم يتساكن فيه بابا من النوع الذي اسلفت الاشارة اليه ورئيس اميركي من النوع القابع في البيت الابيض، والاثنان ممسكان بجوهر الحقيقة ومغزاها. تجربة يوحنا بولس الثاني مع رونالد ريغان تحضر بقوة هنا. |
|
لنصلّ
لراحة نفس باسل فليحان ولنأمل ان يكون هذا النائب الشاب والخبير الاقتصادي
اللامع الممثل لجيل كامل من اللبنانيين، الشهيد الاخير الذي يدفعه شعب
لبنان ثمنا لسلمه الاهلي.
غاب امس الجسد المعذب لباسل فليحان، على امل ان تبقى روحه المتعالية واندفاعه في خدمة وطنه. ولعلها سخرية الاقدار تلك التي حكمت ان يكون واحد من ابعد الناس عن العنف وأهله ضحية لجريمة على هذه الدرجة من العنف والقسوة، لكنها سخرية عايشها اللبنانيون دهرا فلم تزدهم إلا حزنا على حزن. وعلى مثل باسل فليحان لا بأس من الحزن. ويأتي رحيل نائب بيروت في وقت يبدو فيه أن توافقا عريضا قد تبلور على الخروج من الازمة الراهنة على أساس إطلاق عملية تغيير هادئ في السلطة عناوينه تحجيم النفوذ السوري الى الحد الادنى وإجراء انتخابات نيابية تحيي هامشا ديموقراطيا في البلد من دون ان تحمل بذورا انقلابية. كانت المشاروات التي رافقت تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة المقبلة خلاصة هذه الأجواء التي يمكن ربطها بالعديد من اللقاءات التي عقدت خارج لبنان وانتهت الى إعادة ضبط الموقف العام وإدراجه ضمن توازنات القوى العربية والدولية الجديدة التي تراعي المعطيات الداخلية اللبنانية. ولا حاجة الى القول ان بعض من في معارضة الحد الاقصى اصيب بالاحباط الشديد لرؤيته ان العالم العربي والغربي يرفض ان يتعامل معه إلا وفق حجمه الحقيقي لا وفق درجة ضجيجه واحتلاله للشاشات. والحجم الحقيقي تقرره الديموغرافيا والوزن الاقتصادي وتنوع الاوراق السياسية التي يمتلكها هذا الطرف او ذاك. كان وليد جنبلاط نموذجا في دقة قراءة المعطيات العربية والدولية عندما قاد المعارضة، وهو اليوم كذلك عندما يدعو الى وضع برنامج للمستقبل يأخذ في الاعتبار الهوية العربية للبنان. لقد أدار اللعبة بحذر بالغ، على الرغم من بعض زلات اللسان التي ابدى اسفه العلني عليها، لكنه يظل في ختام كل جولة يؤكد ان <<المختارة لم تتغير>>. ويزعج جنبلاط كثيرين في الحالتين، لكنه يبدو انه وعائلة الرئيس الحريري، القوتان الوحيدتان في المعارضة اللتان لم تفقدا صلتهما بأرض الواقع، بغض النظر عما في هذا الواقع من منغصات وآلام. إذاً، تعيد الحكومة المقبلة، اذا قيّض لها ان تتشكل، الخلاف الى مضمونه المتعلق بمستقبل لبنان الذي سترتدي الانتخابات التشريعية اهمية كبرى في اطار تحديده. لقد انتهى الوجود العسكري والمخابراتي السوري كعنصر توحيد للمعارضة، وما محاولات استحضار عناصر اخرى، تلاقيها للأسف بعض الاصوات في المخيمات الفلسطينية، إلا محاولة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء ستمنى بالفشل الذريع. وربما يجد بعض المعارضة اليوم نفسه في موقف جهات لبنانية وسورية اسقط في يدها عندما رأت جدية قرار اسرائيل بالانسحاب من الجنوب في العام 2000، فحولت تنفيذ القرار 425 من مطلب مقدس الى <<مؤامرة اسرائيلية>> في اقل من اربع وعشرين ساعة. وها هي معارضة الحد الاقصى تبحث عن مبررات للاستمرار في نهج أثبت محدوديته على المستوى الوطني العام. ليست وحدة المعارضة مطلبا مقدسا، فلا قداسة في التحالفات السياسية. بل ربما يتطلب خروج لبنان من ازماته المتوالية قيام غلاة المعارضة بفتح ملفاتهم كلها على النحو الذي فتحت فيه ملفات الوجود السوري. رحم الله باسل فليحان. |
|
إذا اجريت عملية تصنيف بسيطة لآراء التلامذة في الحرب اللبنانية
والمنشورة في <<السفير>> امس، أمكن الخروج بملاحظتين رئيسيتين: الخلط الشديد
في سرد الوقائع التاريخية نتيجة غياب أي تناول جدي للحرب عن المناهج
التعليمية، والدقة الشديدة في مضمون ما قاله التلامذة. |
|
يختفي اللبنانيون عند الحديث عن الحرب الأهلية أو يحضرون متساوين.
لقد كانوا شهودا وضحايا و<<مدنيين ابرياء>>. ويذهب دعاة الموضوعية الى اعتبار
<<الجميع اخطأ>> وكأن صيغة لا غالب ولا مغلوب يجب ان تطبق على المسؤولية
التاريخية والسياسية والمعنوية عن اهوال الحرب، فلا يخرج طرف محلي او عربي أو
دولي إلا ملوثا بذات قدر الاطراف الاخرى. |
|
يكذب اللبنانيون عندما يقولون انهم اقتيدوا الى الحرب بغير ارادتهم
او انهم سيقوا اليها سوق النعاج. لقد كانت مواكب المقاتلين تتوجه الى سوح
الوغى يرافقها نثر الارز ورش العطور من المواطنين المتلهفين الى النصر. |
|
ينصرف
الموتى من هذه الدنيا تاركين وراءهم هموم الفانين وأفراحهم. لكنهم يخلفون
في الارض آثاراً وأبناء من نسلهم وأعمالاً تظل حية بعد وفاتهم. والموتى كما
الاحياء، ليسوا متساوين. فمنهم من يحيطه الموت بهالة من الحصانة تلامس حدود
القداسة ومنهم من لا يشكل غيابه فارقاً عن حضوره.
نظرة على ما تردده وسائل الاعلام عن كبار الراحلين يوحي بأنهم لم يكونوا من جنس البشر، يخطئون ويرتكبون وينغمسون في سياسات صاغها أناس من لحم ودم لمصلحتهم وعلى حساب آخرين من لحم ودم ايضا. ينفي الموت، بهذا المعنى السياسية أو يحولها الى دين يضع من بقي حياً بعد رحيل صاحب الموقع المؤثر في واحدة من خانتين: الايمان وما يستتبعه من تسليم بكمال ما أنجزه الراحل أثناء إقامته بين ظهراني الناس العاديين أو الكفر وما يلازمه من نبذ واتهام وإبعاد. يتجاوز هذا الواقع وهذه الممارسة التقليد الداعي الى ذكر محاسن الموتى والرأفة بالتعامل مع إرثهم المعنوي، والعبارة الشهيرة عن <<إمساك الميت بتلابيب الحي>> ودفع الميت للحي الى تنفيذ مشيئته من وراء القبر، الى ما قد يكون حاجة إنسانية متزايدة الى التسامي والبحث عن الكمال المفقود في العالم المعاصر وما يجلبه ذلك من بعض المبالغات في إضفاء الصفات الايجابية على الراحلين، الذين كانوا موضع خلاف أثناء حياتهم. ولعل تاريخ الفرق الاسلامية والكنائس المسيحية، وخصوصا تلك الواقعة على الهوامش، غني بالدلالات في هذا السياق حيث يمثل رفع بعض هذه الفرق والكنائس لقادتها الى مصاف الآلهة أو ما يوازيهم، محاولة على درجات متباينة من الوعي وفق كل مذهب، للتغلب على الضعف الانساني والنواقص البشرية المشهودة. وربما يكون تاريخ فرقة معينة (الاسماعيلية) نموذجياً في هذا السياق خصوصاً في مفهوم <<تقدم الاولياء على الانبياء>> الذي تبنته فرق ومذاهب اخرى تتشارك في الارضية العرفانية التي برزت كنوع من الرد على إفراط اتجاهات دينية اخرى في التشديد على محدودية قدرات الانسان. ومن المهم التأكيد على ان هذا المنحى لم يتضاءل في العصر الحديث. فخلافاً لأفكار دعاة التنوير التقليديين المعتقدين بتقلص حيز الغيب مع تقدم العلوم الحديثة واكتشافاتها وانتقال إنجازتها الى المجتمع والحياة اليومية للبشر، فإن العكس هو الصحيح. فوفاة كل صاحب رؤية في هذا العالم تتحول الى مناسبة لاستعراض الحاجة الى الروحانيات والغيبيات بصورة تستدعي التأمل والتوقف الطويل. والسؤال الاهم الذي تثيره مناسبات من هذا النوع يتلخص في مدى صواب الحياد إزاء خروج مساحات جديدة من نطاق النقاش الضروري للاحياء كي يحسنوا ظروف حياتهم. ينطبق هذا الامر على إرث البابا يوحنا بولس الثاني وعلى ما تركته الام تريزا إضافة الى نماذج عربية ومحلية قديمة وحديثة. فباستثناء مقالات خجولة (في الصحافة الالمانية خصوصا)، تحفظ فيها أصحابها على النهج الاجتماعي للبابا الراحل، يبدو ان هناك إجماعاً عالمياً على تأييد ما قام به أثناء المراحل الاخيرة للحرب الباردة. في حين أن صداقات الام تيريزا مع شخصيات من نوع الدكتاتور الستاليني انور خوجة والدكتاتور الفاشي اوغستو بينوشيه، ما زالت بعيدة عن النقاش تماما كالعديد من أوجه سلوكها تجاه الفقراء. يحتاج الانسان المعاصر الى قديسيه وأوليائه الطاهرين. وتقدم لهم وسائل الاعلام الحديثة ما يحتاج اليه من نماذج تطمئنه الى أن حياته على هذه الارض ليست شروراً ومآسيَ كلها. فما على المشاهد إلا الاختيار. |
|
في منتصف الطريق بين العمل والمنزل، يقع فرن للكعك ربما يكون الافضل
في هذا الجزء من بيروت. اتوقف احيانا في طريق العودة للشراء منه كما يصادف
مروري اليومي من هناك توقف اعداد من السيارات للغرض ذاته. وبما انني لا احمل
جهازا لفحص الدم والهوية، اعتقد ووفقا للهجة العمال في الفرن، انهم مزيج من
اللبنانيين والسوريين. |
|